حسن شعيب
في خضم أحداث الانتخابات وغيرها من المستجدات على الساحة العربية والإسلامية بوجه عام والمصرية بوجه خاص تنتابني عدة أحاسيس ويجول بخاطري الكثير من المتداخلات واسمحوا لي أن أذكر بعضها وأقدم بكل حيادية رأيي المتواضع والبسيط فيها.
ويأتي في المقدمة بطبيعة الحال واقعنا الحالي وإلى أين تتجه مصر بكل ما تواجه من تغييرات, في الآونة الأخيرة, وعلى إثر قرار الإخوان بالمشاركة في الانتخابات كتب أحد أحبابي على حائطه في "الفيس بوك" عبارة أثارتني كثيرا وهي "الحزب الوطني والإخوان أصبحوا وجهان لعملة واحدة", لا اعرف كيف ذلك فأنى لنا أن نساوي بين حزب فاسد مكث في الحكم قرابة الثلاثين عاما فقد أذاق الشعب المصري ما لا يطيقه أحد ولا يتصوره الراحلون العظام من أمتنا الحبيبة أو حتى الفاسدون الأوائل.
ولأني أحب صاحبي هذا فقد التمست له عذرًا لأني أعلم جيدًا أنه ما قال هذا إلا بدافع الغيرة على هذا الجماعة من الانجرار نحو مصير مجهول أو نحو ذلك, غير أني أحسست منه أن حبه لهذه الجماعة جعله يتحمس لها ويمنحها ما لا تتحمله ولا تطيق.
تلك العاطفة والحماسة لعبت دورها أيضا في موقف آخر في جلسة مع بعض أحبابنا, حينما قال لي أحدهم ما الذي قدمه الأخوان طيلة ثمانين عاما مشيرًا إلى أنهم لم يذوقوا من أمن الدولة نصف ما يتجرعه أعضاء حركة كفاية أو 6 أبريل, ربما يكون هذا الكلام أثار حفيظتي بعض الشيء مما جعلني احتد في الكلام بيننا ولكننا وبحمد الله خرجنا وقلوبنا صافية لبعضنا البعض ولا يحمل أحدنا للآخر سوى الحب والتقدير.
وخلاصة القول والذي ننتهي إليه أننا جميعا لابد أن نؤمن أن التغيير والحل لن يحققه فرد واحد أو جماعة بمفردها أو فصيل ما, فنحن جميعا مسئولون أمام الله وأمام أنفسنا أن نكون لبنة في هذا التغيير الذي نبتغيه أو نحلم به، ونرنو إلى أن يحيا أبناؤنا حياة كريمة في كنف أمتنا الإسلامية بكل توجهاتها وأن يكون انتماؤنا الوحيد إلى دين الله عز وجل "الإسلام".
أما انتهينا إليه فإننا نخطئ خطًأ جسيمًا وفادحًا عندما نولي فردًا ما أو جماعة أو مشروع ونتكئ عليه تمامًا باعتباره المخرج الوحيد، أو المخلص، بل ويمكن أن يراه البعض المنقذ، والحل والأمل ومن ثم نمنحه من عاطفتنا وحماسنا ما لا يطيق ولا يحتمل، وأخيرا نطالبه بالمستحيل.
بيد أني أقول للساعين نحو الأمل, والذين تستبد بهم العاطفة, رويدا رويدا, علينا ألا نمنح أي بشري (أفراد وجماعات) ما لا يطيق ولا يحتمل وألا نظن العصمة فيما هو غير مقدس, مع الأخذ في الاعتبار أنه يلزمنا تحقيق التوازن اللازم بين المشاريع المطروحة على الساحة وانتقاء ما هو أنفع وأصلح.
أيها الطامحون إلى التغيير, لقد استبدت بكم العاطفة حتى صار الخطأ خطؤكم وليس في (الجماعة أو المشروع وأصحابه) حيث حملتموه ما لا يطيق _ دون أن تلقوا بالا أو تكترثوا بعوامل أخرى مثل الوقت والتدرج والإمكانات والمناخات الموجودة وغيرها.
ولا يفوتنا أن ندعوكم ونحن نتحدث عن التغيير ومشاريعه أنه أمامنا, يوم 28 نوفمبر الأحد القادم, (الانتخابات البرلمانية) والذي أعتبره محكًا عمليًا للمشاركة في التغيير من الجميع, لكن أخشى ما أخشاه أن ننسى أن الانتخابات هي مجرد خطوة في رحلة الألف ميل (التدرج في التغيير) وليست سوى وسيلة من الوسائل الكثيرة للتغيير، لذا فإن مجرد إيقاظ هذا الشعب المخدَّر، يعتبر فوزًا -ولو مرحليا- لتيار الإصلاح في هذا الوطن بكافة اتجاهاته وانتماءاته.