الأحد، 23 يناير 2011

الحب والبغض..هونًا ما..





حسن شعيب


كثيرٌ منا يُغدق في حبه على ما يحب, سواء كانت فكرة أو شخصا أو غيره, حتى أنه قد يصل إلى منزلة القديس ، ولذا فقد تصيبه فاجعة إذا ما رأي أو لمس على قديسه ما لم ينتظره, وعلى الجانب الآخر يُفرط العديد منا في بغضه للآخرين حتى يجني ثمار هذا البغض والكراهية ظلما وإثما كبيرا وكلاهما مشكلة يعاني من أحدهما كل البشر.
فالناس في ذلك صنفان, أحدهما إذاأحب شخصًا تغاضى عن جميع أخطائه، والآخر إذا أبغض شخصًا تناسى جميع حسناته، وكلاهما على خطر عظيم في الواقع


من أجل هذا قالوا مرآة الحب عمياء وكذلك البغض فهو عمى وصمم, لذا فقد روي عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال "أحبب حبيبك هونا ما عسى أن يكون بغيضك يوما ما وأبغض بغيضك هونا ما عسى أن يكون حبيبك يوما ما"الترمذي وصصححه الالباني.

والذي أقصده بهذا
أن لا يكون حبك كلفا (شديد التعلق بإفراط)، وألا يكون بغضك تلفا (مغالي في الحط من أقدار الناس)، والصواب بين ذلك وتلك، أن تأخذ نفسك بالحزم والعقل، وألا تستلم للعواطف المفرطة، وبذلك يمكنك أن تكسب صلاح دينك ودنياك.
ومن هذا المنطلق
أدعوكم يا سادة إلى التروي في الحكم على الأشياء ووضع الأمور في نصابها وأن ننزل الناس منازلهم وأن نقول الكلمة التي تناسب موطنها, دون أن يعميكم الحب المغدق بوفرة أو يصمكم البغض المفرط بكثره.

منهج التوسط في الحب والبغض، والاعتدال في العاطفة والعقلانية سيهبك نفاذ بصيرة في الحكم على الأمور, فحبك للشيء يعمي ويصم فلا تكن منسابا في عاطفتك وأيضا لا تكن جامدا في ماديتك وهذا ما دعا إليه الإمام البنا رحمه الله "ألجموا نزوات العواطف بنظرات العقول وأنيروا أشعة العقول بلهب العواطف".

وقال الشاعر:
وأحبب إذا أحببت حبا مقاربا فإنك لا تدري متى أنت نازع
وأبغض إذا أبغضت بغضا مقاربا فإنك لا تدري متى أنت راجع

لذا فعند حكمك على الأمور, لابد أن تزن الأمر بحسنه وقبيحه فأيهما رجحت كفته كان أهلا لك ،ولا يوزن المرءبموقف أوكلمة أو مجرد حدث عارض, فإذا زل أحدهم وأخطأ فلا تمضي مسرعا إلى محوه من ذاكرتك، فربما كانت سقطة عابرة، أوخطأ عارضا غير مقصود , وكذلك إذا أحسن أحدهم فلا تغتربحسن صنيعه، وترفعه فوق السحاب، بل تريث وتمهل فما هكذا يوزن الرجال, وفي هذا وضع الشيخ محمد الغزالي رحمه الله قاعدة عظيمة قائلا "المنهج الذي هداني الله إليه أن أعرف الرجال بالحق، ولا أعرف الحق بالرجال! وأن أنظر بتأمل إلى ما قيل ولا أنظر بتهيب إلى من قال".

ختاما أعتقد أن
السلامة في ذلك: أن تكون مرآة حبنا وبغضنا, غير عمياء, صافية!، دمتم في أمان الله ....مودتي, الرابط الحب والبغض