
حسن شعيب
منذ فترة ليست قريبة – شهر سبتمبر الماضي- وكان هذا قبل قيام هذه الثورة, كتبت في هذا الموقع مقالا تحت ذات العنوان حديثٌ ذو شجون سياسية, وفيه تحدثت مع نفسي عن الأمل في التغيير وهل أنا جادٌ فيما أدعو إليه الناس.
وبعد مداولات وتجاذبات بين النفس وصحابها, خلصنا سويًا إلى أن نكون نحن اليقين, والأمل في الحلم "التغيير" المنشود, وفي هذه الخاطرة السابقة, دعوت الله أن يكون لي مع نفسي حديثا أقل وطأة وقد تحقق الحلم وقد كان ولله الفضل والمنة والحمد الجزيل أن أقر عيوننا برؤية زوال الطغيان والظلم وأطال في أعمارنا حتى نرى المستضعفين في الأرض مُكِّن لهم وفُتحت لهم الآفاق।
وبعد مداولات وتجاذبات بين النفس وصحابها, خلصنا سويًا إلى أن نكون نحن اليقين, والأمل في الحلم "التغيير" المنشود, وفي هذه الخاطرة السابقة, دعوت الله أن يكون لي مع نفسي حديثا أقل وطأة وقد تحقق الحلم وقد كان ولله الفضل والمنة والحمد الجزيل أن أقر عيوننا برؤية زوال الطغيان والظلم وأطال في أعمارنا حتى نرى المستضعفين في الأرض مُكِّن لهم وفُتحت لهم الآفاق।
غنيٌ عن البيان أن نفسي, في الفترة الماضية, كثيرًا ما خاطبتني بما يحدث في مصر الحبية ولما يحدث وكنت كثيرا أقول لها يا ساكنة بين أضلعي إنها الحرية॥ نعم إن الحرية جميلة ورائعة لكنها محيرة ومربكة, وأطلب منها أن تحسن الظن بالجميع – رعاها الله- فالجميع في حب وطنه الذي ظل مغتصبا ومسروقا عقود عديدة يرغب في تقديم وفعل الكثير।
بيد أنها – نفسي- عادت ثانية تقول وهل كل ما يحدث حولك يبعث في أساريرك السرور والطمأنينة؟
وبهذا السؤال الذي يبدوا عاديا أثارت نفسي شجونا كنت أود أن تبقى مدفونة أو مقبورة داخلي, فروح ميدان التحرير, الذي أسميه بكعبة الثوار, كفيلة بأن تجعلنا في مصاف الدول الأولى في أقل وقت بل إن هذه الروح جعلت رؤساء وزعماء أقوى دول العالم ومنها أمريكا تشيد بنا وتتمنى أن يتأسى شبابها بثوار مصر।
وليس بخاف على أحد ما يحدث بمصر في هذه الآونة وما أراه جُرمًا كبيرًا للغاية تقع فيه ما تُسمي نفسها أو يُطلق عليها البعض اسم النخبة السياسية من عدم اعتراف بما أراده الشعب في استفتاء للدستور المؤقت ورُددت من أفواههم ذات العبارات التي كان النظام البائد يتغن بها, منها على سبيل المثال أن الشعب لم يصل إلى حد الوعي الذي يمكنه من اختيار الأفضل وهذه كارثة।
وبهذا ذاقت الديمقراطية (اختيار الشعب) انتكاسة أولى في أول امتحان لها في مصر, وناهيك عن أمر الاستفتاء وما انبثق عنه الآن من معركة ما يسمى "بالدستور أم الانتخابات أولا", فإن أكثر ما يثير الخوف والذعر من الانقضاض على هذه الثورة هو تفتيت زخمها وهذا الانقسام الحاد بين القوى التي قامت على أكتافها الثورة।
بدعوتي لما تسمى النخبة أن تلتزم باختيار الشعب, قد يسيء البعض الظن أو يحدث لبس في الفهم, ما يجعلهم يعتقدون أنني لا أود استكمال ما بدأته الثورة من تحقيق لمطالبها سواء بالتطهير والمحاكمات وغيرها وهذا ما لا يختلف عليه اثنان بل إنه ليس من حق أي منا أن يتنازل أو يتهاون نظير بعض الأموال أو الاعتذارات لأنه تفريغٌ لمضمون الثورة, فحاشا لله!॥ إن هذه الثورة ثورة كبرياء واسترداد للكرامة المصرية।
وبرغم أنني أؤكد بما لا يدع مجالا للشك أنني منحاز تماما لمطالب الثورة التي تجمعنا ولا تشرذمنا والتي بدروها ستعيدنا إلى روح ميدان "التحرير" لكني في الوقت ذاته لا أستطيع أن أتفهم أو أعي انقلاب البعض على الديمقراطية التي طالما نادينا بها ورجونا تحقيقها।
وختاما أقول أنه برغم ما تبدو عليه هذه النخبة وكأنها وجدت مكلمة أو ميدان للتنظير والتقعير والتأطير حالها كحال شعراء سوق عكاظ يخشون أن ينفض السوق دون أن يحصلوا على ما يريدون أو كما يقول المثل "يخرجوا من المولد بلا حمص", لأنهم يدركون جيدا أن ما يتقنونه هو الكلام فحسب, لذا فأدعوهم بل وأرجوا من الجميع أن يعمل ويسعى في تحصيل الخير للناس ولنتنافس على حبه فهو مناط العمل وبمنفعته ونفعه نتعبد إلى الله مولانا ومولاكم ... "خير الناس أنفعهم للناس"।
ورغما عن أنف القاصي والداني, يحدوني أمل وتفاؤل هائل بأن مصر ستتجاوز هذه المرحلة لأن الله هو الضامن لهذا التغيير, لذا لم ترضى نفسي أن تُنهي حديثنا إلا بتأكيدها لما قررته من قبل॥ فلنكن نحن- أنا وأنت- اليقين والأمل في استكمال بقية الحلم المنشود.. دامت مصر طيبة وبخير, مودتي।