
حسن شعيب
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم, وأرضا اللهم عن سادتنا أبا بكر وعمر وعثمان وعلي وعن الصحابة أجمعين, عن التابعين وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين ورحم الله الإمام البنّا مؤسس هذه الجماعة وجميع مرشديها وقادتنا وكل من له فضل علينا.
بادئ ذي بدء, ترددتُ كثيرًا في تناول الأحداث التي جرت مؤخرًا في جماعة "الإخوان المسلمين" وخاصة انتخابات الإرشاد، حيث تنتابني مشاعر متضاربة بالفرح تارة وبالقلق تارة أخرى।
بادئ ذي بدء, ترددتُ كثيرًا في تناول الأحداث التي جرت مؤخرًا في جماعة "الإخوان المسلمين" وخاصة انتخابات الإرشاد، حيث تنتابني مشاعر متضاربة بالفرح تارة وبالقلق تارة أخرى।
مشاعر متضاربة
وقد نبع فرحي من إصرار المرشد على ترسيخ قاعدة جديدة بترك منصبه بعد فترة واحدة ، ومناقشة بعض القضايا الفكرية بل والتنظيمية للجماعة عبر الإعلام سواء بالرضا أو بغيره، واهتمام الرأي العام الإقليمي منه والعالمي بكواليس ما يحدث داخل جماعة الإخوان، وأصبح المواطن العادي يعرف كثيرًا من رموز هذه الجماعة ويقارن بين مواقفهم وتصريحاتهم وأفكارهم بل وربما تفاعل وتمنى فوز بعض منهم في انتخابات الإرشاد الأخيرة وهذا في حد ذاته مكسب। ويأبى الموقف أن يمر بدون مشاعر أخرى يغلب عليها القلق من الاختلافات التي حدثت والتي لم تكن لتعكر صفو الحدث لولا أنها تزايدت بشكل يفوق حجمها، وقلق من تفاعل بعض أفراد الجماعة مع الأزمة وسلوكهم إزاءها والتعصب لأحد وجهتي النظر فيها، وقلق من مساحة وحجم التغيير التي حدثت في نتائج الانتخابات ونوعيته।وحتى لا تنتهي الأحداث وكأنها جعجعة بلا طحين وحتى لا ينفض السامر، فعلينا أن ننظر بعين ثاقبة لما حدث ونحصل منه استفادتنا من ملحوظات واقتراحات تتعلق بالمجمل والإطار وليس التفاصيل حتى نضع إجابات على كثير من التساؤلات المهمة... ماذا حدث, ولماذا؟
عفوا.....لو سمحت
وإن كان لي أن أدلي بدلوي فلن أكتب عن ما حدث وتوافقي أو اختلافي معه ولكني سأقف على أربع نقاط أرى أهمية بالغة لها في أن تتصدر اهتمامات مكتب الإرشاد القادم كوسائل وسياسات لا تشغل أبدا ولا تحرف البوصلة عن الأهداف والخطط والغايات।
وقد نبع فرحي من إصرار المرشد على ترسيخ قاعدة جديدة بترك منصبه بعد فترة واحدة ، ومناقشة بعض القضايا الفكرية بل والتنظيمية للجماعة عبر الإعلام سواء بالرضا أو بغيره، واهتمام الرأي العام الإقليمي منه والعالمي بكواليس ما يحدث داخل جماعة الإخوان، وأصبح المواطن العادي يعرف كثيرًا من رموز هذه الجماعة ويقارن بين مواقفهم وتصريحاتهم وأفكارهم بل وربما تفاعل وتمنى فوز بعض منهم في انتخابات الإرشاد الأخيرة وهذا في حد ذاته مكسب। ويأبى الموقف أن يمر بدون مشاعر أخرى يغلب عليها القلق من الاختلافات التي حدثت والتي لم تكن لتعكر صفو الحدث لولا أنها تزايدت بشكل يفوق حجمها، وقلق من تفاعل بعض أفراد الجماعة مع الأزمة وسلوكهم إزاءها والتعصب لأحد وجهتي النظر فيها، وقلق من مساحة وحجم التغيير التي حدثت في نتائج الانتخابات ونوعيته।وحتى لا تنتهي الأحداث وكأنها جعجعة بلا طحين وحتى لا ينفض السامر، فعلينا أن ننظر بعين ثاقبة لما حدث ونحصل منه استفادتنا من ملحوظات واقتراحات تتعلق بالمجمل والإطار وليس التفاصيل حتى نضع إجابات على كثير من التساؤلات المهمة... ماذا حدث, ولماذا؟
عفوا.....لو سمحت
وإن كان لي أن أدلي بدلوي فلن أكتب عن ما حدث وتوافقي أو اختلافي معه ولكني سأقف على أربع نقاط أرى أهمية بالغة لها في أن تتصدر اهتمامات مكتب الإرشاد القادم كوسائل وسياسات لا تشغل أبدا ولا تحرف البوصلة عن الأهداف والخطط والغايات।
1- الإعلام الخاص بالجماعة والخارجي والتعامل معه
لقد لمسنا في الأزمة الأخيرة الحاجة الماسة لوجود "إعلام خاص" قوى وسريع ومتفاعل وواسع الأفق يعرض الرأي والرأي الآخر ويراعي الوقوف على مسافة متساوية من الاختلافات في الآراء، ولا يعظم شخصا على آخر أو فكرة على أخرى، جرئ يتخطى الحواجز والحدود، مؤثر ويسهم هو ذاته في عملية تطوير الجماعة وتحسين أدائها ولا يكون فقط مجرد بوق يعلن عنها بما يشاؤه البعض وكيف يشاؤه। وأن تتنوع مساراته وتتجدد أشكاله فيخرج عبر المواقع الالكترونية والتسجيلات المرئية والإذاعات الصوتية والكتابات الورقية راسما خطى واضحة ومجدولة للوصول لإنشاء قناة فضائية।
لقد لمسنا في الأزمة الأخيرة الحاجة الماسة لوجود "إعلام خاص" قوى وسريع ومتفاعل وواسع الأفق يعرض الرأي والرأي الآخر ويراعي الوقوف على مسافة متساوية من الاختلافات في الآراء، ولا يعظم شخصا على آخر أو فكرة على أخرى، جرئ يتخطى الحواجز والحدود، مؤثر ويسهم هو ذاته في عملية تطوير الجماعة وتحسين أدائها ولا يكون فقط مجرد بوق يعلن عنها بما يشاؤه البعض وكيف يشاؤه। وأن تتنوع مساراته وتتجدد أشكاله فيخرج عبر المواقع الالكترونية والتسجيلات المرئية والإذاعات الصوتية والكتابات الورقية راسما خطى واضحة ومجدولة للوصول لإنشاء قناة فضائية।
أما الإعلام الخارجي فينبغي أن نحسن استخدام اللغة التي يفهمها ويقبل عليها دون أن يكون لنا خطابين، وأن نمد جسور تواصل معه تكون على طريقة الذهاب والعودة فنأخذ منه وعنه الانتقادات والتساؤلات ونرسل خلاله وعبره الآراء والمواقف والأحداث، سيظلمنا تارة ويتجنى علينا أخرى (مع مراعاة أنه قد لا ينصفنا البتة) ولكن شئنا أم أبينا سيكون هذا دوما ديدنه فليفعل ذلك ونحن معه متفاعلون بدلا من أن يتفاعل وحده بعيدا عنا ونحن له لائمون ومنتقدون
।وفى الاتجاهين علينا أن نسمح بمساحة أكبر للنقد العلني ومناقشة أمور فكرية بل وتنظيمية داخلية في بعض الأحيان على الملأ، فلقد أوضحت التجربة أن توفر المعلومات يساهم في كشف الحقائق ويجليها أكثر من الخوف من أن يربك القواعد والتي حق أصيل لها أن تعرف ما يدور وكيف يدور، وأن إتاحة الفرصة لهذه الآراء المختلفة لتخرج عبر وسائلنا الإعلامية قبل غيرها سيتيح فرصة أفضل لحصرها ومناقشتها وتوضيح تفاصيلها بدلا من اللهاث ورائها عبر المواقع المترامية والجرائد المختلفة والمنتديات والمدونات، ولاسيما أن أفكارنا وإجراءاتنا ولوائحنا ومجالسنا ووسائلنا تستحق الظهور للناس عامة وأن يتكشف لديهم وأن يقدم للحركة الوطنية تجربة وأنموذجا ومثالا وقدوة يُحتذى بها
।وأخيرا - اختيار من يتحدث باسمها- ويرفع صوتها بمن يتحلى بمهارات الحوار والنقاش والإقناع، ومن لديه قدر من القبول الخارجي والمقدرة على انتقاء العبارات وتجاوز المنزلقات الحوارية، ولا يعيب اختيار البعض لتلك المهمة باقي الإخوان ولكن لكل عمل رجاله, حتى وإن حسنت نوايا الجميع واتفقت أفكارهم فإن هناك شخصا قادرا على أن يحليها بلسانه ومنطقه فيزرعها في قلوب الناس وآخر يسيء تقديمها فيلفظها الآخرون، وجمال دعوتنا وروعة حركتنا يحتاج حقا لذلكم المسوق البارع حتى يقبل عليها الراغبون।२
2- اللوائح والإجراءات
إنما وضعت لكي تضبط العمل وتكون بمثابة رمانة الميزان التي تحكم حركاته، لذا ينبغي أن تصاغ بشكل جيد ومحدد فيما يجب تحديده ومرن فيما يجب المرونة فيه، وأن يعاد النظر لها ككل بعد أن تعقد لها جلسات مطولة عبر مستويات مختلفة تبدأ من الفرد القابع في شعبته وتنتهي بعضو الإرشاد في مكتبه، مع وضع الانتقادات والاقتراحات في الاعتبار، ثم توضع بين يديّ لجنة قانونية إدارية متخصصة। وهذا الأمر يرجع لشيئيين:-
الأول, اللائحة تضمن تماسك البيت الداخلي، ليصبح أقدر على الانجاز والعمل والفعل والمضي قدما في طريق انجاز غاياته وأهدافه।
الثاني, ضرب مثالا عمليا لقدرة المشروع الإسلامي على الإدارة والضبط للتجمعات البشرية، وتعطى تجربة حية لشمول الإسلام। ولابد أن تأخذ هذه المراجعة من الوقت ما يكفى لإرساء لوائح تبقى فاعلة ومستخدمة لعدة سنوات، وهذا العمل ستقوم به مجموعة متخصصة بعد استطلاع واسع لآراء الجميع كما أسلفنا।3-
३- ثقافة الأفراد
ولعلها أهم النقاط وأخطرها، فهي التي تحكم وتوجه التيار العام للعمل ومفرداته، لذا ينبغي أن يعنى عناية خاصة جنبا إلى جنب مع الاهتمام بالتربية والثقافة الإسلامية أن يعنى بالثقافة المدنية –إن صح التعبير- لدى عموم الأفراد، عبر برنامج يشمل ثقافة الحوار والاختلاف وثقافة النقد والنصح وثقافة العمل الجماعي والشورى وثقافة الانتخاب والاختيار وثقافة الإدارة والتخصص والأولويات।حتى يصبح عموم الأفراد في حصانة من الأمراض وكما يقال الوقاية خير من العلاج فأن تصبح مناعة الأفراد قوية نشطة خير من أن تضيع الأوقات بعد ذلك في ذب الجراح وتضميدها وتخفيف الآلام وتسكينها।برنامج ثقافي واضح متنوع إلزامي يصنع شخصية مسلمة ودعوية متزنة ومتيقظة ومدركة ومؤثرة، لا تجرها الأحداث ولا تهزها الأقوال ولا تستفزها الاختلافات والانتقادات।4-
४- الصراحة والشفافية والوضوح
ومن أهم الدروس والنقاط هي تلك المتعلقة بالصراحة والشفافية والوضوح، فبرغم أنها لم تكن اختيارا مقصودا بهذا الشكل الذي ظهرت به في الأزمة وإنما دفعت إليه الجماعة دفعا واضطرت إليه اضطرارا وهى أن تكون صريحة وواضحة لأبعد الحدود- قدرا ما- ليست صراحة داخلية فحسب بل صراحة وشفافية على صفحات وقنوات الإعلام وأمام الرأي العام ككل، صراحة وشفافية وصلت لأول مرة لتفاصيل التفاصيل لتشمل صيغ الاستفتاءات وأعدادا دقيقة وأسماء وأشخاصا بمهامهم وأدوارهم، إلا أن نتائج هذه الصراحة والشفافية وثمارها الايجابية أكبر وأعظم بكثير من هالات الغموض السابقة التي كانت تبقى في أذهان أبناء الجماعة قبل من هم خارجها في شكل مجموعات من الأسئلة التائهة الحائرة.
।تلك النقاط الأربعة أرى أنها من أهم الدروس التي يمكننا أن نخرج بها من الأحداث الأخيرة، ولكن يبقى ختاما أن أؤكد على ثلاثة نقاط:
-1 الظرف الأمني: ولا يخفى على أحد ما يحيط بالجماعة منه مما لا يجعلها تعمل في بيئة سوية تتيح لها التحرك بحرية، ولكن ينبغي أن لا يكون ذلك معوقا على تطوير أدائها بل إن كثيرا من المقترحات من شأنها أن ترفع أسهم الجماعة في الحياة العامة وفى نفوس أفرادها بما يجعلها تتحصن بالتفاف شعبي وتجذر في تربة هذا الوطن وحركاته المدنية بما يحميها من القبضة الأمنية الغاشمة المتلاحقة।2-
२-الاختلاف أمر فطرى بشرى: وكما يقال فالعملة لها وجهان يختلف كل منهما تمام الاختلاف في وجهته إلا انه لا يمكن فصلهما عن بعضهما البعض ويحمل كل منهما الآخر، كذلك ينبغي أن تتسع صدورنا للخلاف في الأفكار والرؤى فما يراه البعض خطأَ مطلقا يراه آخرون عين الصواب، وما يعتبره البعض هزيمة وانكسار يراه الآخرون سبقا للعصر وقفزات للأمام، والعكس صحيح। و أن نجاح العمل الجماعي وأهم تحدياته هو أن يبلور تلك الاختلافات التي تصل للتناقض وأن يصل لقرار وراية يعمل تحتها الجميع في النهاية على قلب رجل واحد।3-
3- وأن يظل في أذهاننا دوما وبوضوح المسار مساراَ والهدف هدفاَ: فمهما اختلف عملنا في شكله أو هيئته أو طبيعته أو مساره مارا بالتمكين لهذا الدين وعز وطننا ورفعته ورفع الظلم ومحاربة الفساد إنما يهدف لهدف واحد في النهاية وهو الوصول لرضا الله وجنته، ولا يصح أبداَ أن ننشغل بالمسار ثم نضل الطريق عن الهدف، كما ينبغي في ذات الوقت أن نمهد المسار جيدا لنصل للهدف। (كما حدث للبعض بعد الانتخابات البرلمانية)।
وفي نهاية المطاف, علينا جميعا مهما كان حجم الاختلاف ونتائجه، أن لا تغيب عن أعيننا حقيقة الهدف وأن نبذل كل البذل للوصول إليه، كلٌ منوطٌ بنفسه وما يصلحها ويوصلها بسلام للغاية والهدف، إن كان في عمل جماعي بما له وما عليه فبها ونعمت، وإن كان غير ذلك عبر مشروع شخصي له دون أن يغلبه كسل أو ملل فعلى الله الاتكال، (كل هذا في إطار جماعتنا المحبوبة) المهم أن يبقى هدفنا التمكين لهذا الدين وإعلاء هذا الوطن حتى نصل في النهاية لبر الأمان في كنف رضا الله وجنته।
تمت والله أكبر ولله الحمد