الاثنين، 28 نوفمبر 2011

البرغوث والسلحفاة


حسن شعيب

تجده يقفز كالبرغوث وأحيانا يحبوا كالسلحفاة... صحيحٌ قد يبدو من الصعب أن يتحقق هذا في شخص واحد, لكنه في مصر أصبح حقيقة صارت تسيطر على بعضنا فاحذروها !!

غريبٌ أمر صديقي هذا, فلديه القدرة على القفز كالبرغوث حتى يتسنى له أن يتجاوز ما لا يُعضّد أو يدعم قناعاته وإذا ما أريته أن ما يؤمن به ويدافع عنه غير صحيح بشكل جلي وواضح مثلما يقول الغرب "كالفيل في الحجرة", فوجئت به تحول إلى خفافيش أو الوطاويط يتعامى عنها ويغض الطرف.

والأدهى من ذلك أن يُدهشك بما لديه من إمكانيات أخرى, حينما يتحول بقدرة قادر إلى السلحفاة يتباطأ ويحبوا حينما يجد ما يُرسّخ لفكرته فتجده يكررها مرارًا ويصر وقتئذ فحسب أنه على حق إذ أن ما ساقه من أدلة يفندها ويؤطرها ويعيد ويزيد فيها حتى لا يكاد يتحرك إلى النقطة التالية طالما وجد ولو بصيص يتمسك به ليثبت للقاصي والداني أن ما يسوغه صحيح مائة بالمائة وهذا غير صحيح.

وما صديقي هذا إلا أنموذجا لكثير ظهروا في الآونة الأخيرة ولا سيما في الأزمة التي تمر بها مصر الثورة!

لقد أفرزت أحداث التحرير الأخيرة معادن البشر بحق, ومن هو الذي لا يستطيع أن يعيش دون أن يقتات على تخوين واتهام الآخر حتى لو كان لصيق له ومشارك معه من قبل في هذه الثورة, فاستطاع بسرعة ربما تفوق الفيمتو ثانية أن يتغافل عما قدمه الآخر وما بذله في هذه الثورة وسرعان ما وضعه في خانة المتآمر والخائن لهذا الوطن الثوري.

برغم أن الأحداث تواترت بسرعة لدرجة أنه لا يستطيع شخص واحد أن يحللها بشكل سليم تماما نظرا لما تتسم به من سيولة, ومع ذلك فقد أبى بعضهم إلا أن يسمح لنفسه أن يزج بشركاء النضال في الأمس القريب إلى مربع الخونة والضالين وربما الثورة المضادة.

فقد راح البعض من أجل أن يثبت أنه هو فحسب ومن معه الأصح في موقفه بتحليل الموقف بشكل عاطفي ووجداني, وهذا ليس بخطأ لكن جعله هذا يطغى على من لم يفعل ذلك, بينما ذهب آخرون إلى تحليل موقفه بشكل عقلاني, لكنه كذلك أخطأ حينما عاب على من لم يفعل ذلك.

دون ريب, لا يوجد مصري شريف يحب هذا البلد يمكنه أن ينكر أن إراقة الدماء خط أحمر لا يثير حزنه وغضبه فحسب, لكنه يستحق منه الثأر له, وإلا استرخص الإنسان المصري ودمه, لكن ما يجب علينا أن نتجنبه في هذه اللحظة ألا يحاول من يقف في خندق عدم النزول إلى التحرير "كالسلحفاة" باتهام أو تخوين من رأى أن نزوله إلى الميدان هو الحل بالمتآمرين على مصلحة البلاد, ثم يبني على ذلك قناعاته وهذا جرم في حق مصر والثورة, ولا يلبث أن يقفز كالبرغوث حينما تصوغ له ما يثبت ربما ما يقتنع به خندق الناس في التحرير.

في الجانب الآخر, تجد أهل التحرير يمتشوقون ميدانهم ويحملون أرواحهم على أكفهم حتى سالت وسفحت دماء الكثير منهم, رحمهم الله جميعا, وهم يرفعون مطالبهم لهم كل الحق فيما يبغونه وبالوسيلة التي يرونها, لكنهم كذلك عليهم أن يحذروا من أن يكونوا كالسلحفاة فيقف عند هذه النقطة ويتكئ عليها لكي يستطيع وصم غير المشاركين في ميدان التحرير بالمتواطئين أو أصحاب المصالح الضيقة والشخصية, وسرعان ما يقفز كالبرغوث حينما تجده متفقا معك في أن ما يحدث ليس بأوانه وهناك مسار انتخابي حاسم لابد الالتزام به.

في نهاية المطاف, علينا أن نحافظ على زخم الثورة بكل مكوناتها وشرائحها ولندع التخوين والاتهام لأنه أول مسامير نعش هذه الثورة ونسفها, وليحذر كل منا في حواراته أن يقفز كالبرغوث أو يحبوا كالسلحفاة !!


من داخل التحرير أتكلم


حسن شعيب

خالص دعواتي القلبية بأن يعم الهدوء هذا البلد الطيب أهلها وأن يلهمها عقلا راشدا وقلبا نابضا ورؤية متأنية... من المؤكد أن أحداث التحرير تشغل بالنا جميعا بل وتقض مضاجعنا وذهب من أعيننا النوم وحتى يتبين لي الحقائق وجدت أنه من الضروري أن أنزل إلى الميدان وأري بنفسي ما يحدث وذلك بعدما كتبت الآتي:

أحداث التحرير ورأيي البسيط "رؤية قبل النزول للتحرير"!!

قد نتفق جميعا دون شك فيما يحدث في ميدان التحرير لكن تعاملنا معه ربما يختلف... فلا ريب أن ما يحدث خطة "مدبرة أو غير" لانهيار البلاد بتأجيل الانتخابات, إلا أننا ينبغي علينا أن نؤكد على أن دماء الشعب خط أحمر أكدنا عليه وسنظل, كما أن حق الاعتصام السلمي مكفول للجميع بطبيعة الحال.
ولا جرم أننا جميعا كذلك نرفض تماما طريقة تعامل الأمن الغاشم مع المتظاهرين... لذلك أرى أن الحل القاطع هو نحن الإخوان فنحن فقط من نستطيع أن نوفر للميدان الهدوء, كما يمكننا الحوار من جانب آخر مع المسئولين لتهدئة الوضع, فطالما هناك دماء تنزف سيظل الحوار مستحيلا... فلابد أن يعم الهدوء الميدان أقله ستة ساعات ثم تبدأ الحوارات بإخلاء الميدان أو بطرح ما لدى المعتصمين من مطالب ومن ثم طرحها على المسئولين وهذا ما ينبغي فعله الآن وليس بعد دقيقة... الأخوان كتنظيم هم من يستطيعون الآن تأمين الميدان بتنظيمهم وقيادتهم تتحاور مع المسئولين, الآن لابد أن نضع مصلحة البلاد أولا, لا مناص فأنا أتفق بالطبع مع من يقول أنها خديعة لجر الإخوان وخلافه لكن ماذا سنفعل في الدماء التي تنزف والدولة التي تنهار اقتصاديا لابد من العثور على حل لهذه الأزمة فلا يوجد فيما نعيشه من حالة سائلة من حقيقة محضة واضحة.

"رؤية بعد النزول للميدان" أكثر من ست ساعات.

بالأمس نزلت التحرير مدفوعا بحبي لمصر وشعبها وغاضبا من نزيف الدماء... وجدت ميدان التحرير "من الداخل" هادئا تماما فذهبت إلى بؤرة الأحداث "شارع محمد محمود" وتوغلت المتظاهرين حتى اختنقت من الغاز المسيل فأعود للميدان من جديد ثم أعيد الكرة لشارع محمد محمود...هكذا حتى اتخذت قراري على ما رأيته وهو كالآتي : أولا ...من المؤكد ان الأمن الغاشم استدرج الشباب في البداية حينما اشتبك بالمعتصمين داخل التحرير ومن ثم وقع نزيف الدم فاستشاط الشباب (كحالي) غضبا وحرقة على إخوانهم الذين سال دمهم ....

ثانيا: لكن المخيف الآن والذي جعلني ألتزم بقرار جماعتي أن وجدت الحيرة في عيون كثير من الموجودين في التحرير ووجدت عقلا مسلوبا لدى آخرين وحينما يغيب العقل وتحضر الحيرة يصير الأمر مخيفا للغاية, فتجد من يشعل في الشجر ويلقي بالحجر دون هدف أو مآرب.

ثالثا:أما ما أفزعني هو إصرار الشباب على الاشتباك بالداخلية والذهاب إليهم ومن ثم تطلق الداخلية القنابل المسيلة للغاز لتفريقهم فيزداد الشباب غضبا وحنقا وسقوط لشهدائهم والغريب أنه لما أراد بعض رموز القوى السياسية "د البلتاجي وأيمن نور وغيرهم" عمل حاجز بأجسادهم بين الشباب والداخلية في شارع محمد محمود لكن طردهم الشباب.

أخيرا أرفض تماما تخوين أو اتهام أي شاب في ميدان التحرير بشئ كما أعترض على وصم غير المشاركين بالمتواطئين أو أنهم أصحاب مصالح ضيقة وشخصية وعلينا أن نحافظ على زخم الثورة بكل مكوناتها وشرائحها ولندع التخوين والاتهام لأنه أول مسامير نعش هذه الثورة!!, وعليه كان قراري,....

"بعد نزولي لميدان التحرير أمس وإصراري على المكوث والاعتصام حتى النهاية مع الشباب .... كانت هناك أشياء داخل الميدان تؤكد لي أن قرار جماعتي "الإخوان" صحيحا وسألتزم به!!"