حسن شعيب
لا
يضيرنا مطلقًا أن يحظى (يُبتلى) "مرسي" أو أيًّا كان، بمنصب رئاسة مصر، إن
حدث هذا بإرادة شعبية ودون تدخل أو تزوير حتى تبدأ مصر مرحلة استقرار عقب
استكمال غالبية تشكيل مؤسسات البلاد، لا سيما أهم مؤسساتها- في أعين
المصريين- ألا وهي "الرئاسة"، بيد أن ما يدهشك هو مصادرة حق أصيل من حقوق
جماعة الإخوان في ترشيح رئيس للبلاد، الأمر الذي لم تكن الجماعة تضعه في
حسبانها أو تخطط له، وإلا لما أهدرت كل هذا الوقت دون النزول مبكرًا إلى
ساحة المنافسين؛ حتى يتسنى لها أن تدعو وتروج لمرشحها كنظرائه.
أما ما دفع
"الإخوان" للنزول إلى هذه الساحة لا شك أنه يستحث– المنصف- ليتحرى ويبحث،
وبطبيعة الحال يسمع من "الحزب والجماعة" لما حدث وكيف؟.
في بدء الأمر، كان
الإخوان صادقين تمامًا عندما أعلنوا عن عزمهم في عدم الدفع بمرشح للرئاسة
لما أكدوه مرارًا وتكرارًا- آنذاك- من أنهم لا يريدون استئثارًا أو
احتكارًا بالسلطات ما دام هذا لن يمنعهم في تنفيذ مشروعهم النهضوي والتقدمي
للبلاد، فما فائدة "الرئاسة" إن لم يعوقهم من السير قدمًا في مسارهم الذي
يبتغون به الخير للبلاد والعباد، (كان الإخوان جادين في ذلك، وخير دليل على
ذلك إقالتهم أحد فلذات أكبادهم "أبو الفتوح"؛ لتثبت للجميع حسن نيتها ولو
كان هذا على حساب مصلحتها كجماعة).
بعد الانتخابات
التشريعية، لم تعد مسئولية "تنفيذ مشروع النهضة" ذاتية إخوانية، بل أصبحت
رغبة أغلبية الناخبين الذين صوتوا لجماعة الإخوان وذراعها السياسية "الحرية
والعدالة"، ومن ثم لم يهنأ للإخوان نومًا ولا عيشًا حتى يتمكنوا من تحقيق
آمال الشعب الذي اختارهم لينالوا بذلك رضا الله وثوابه، وحتى تلك اللحظة
(بعد تشكيل الشعب والشورى) لم يكن ثمة مَن يقف حيال ذلك إلا أن يمتلكوا
ذراعًا تنفيذيًّا يحول قراراتهم وأقوالهم إلى أفعال وأعمال على أرض الواقع.
بيد أن الرياح جرت
بما لا تشتهي السفن، فلم تأب السلطة التنفيذية "المجلس العسكري" أن تمنح
الإخوان هذا الحق فحسب، بل حولت مجلس الشعب "الإخواني"- كما يحلوا للبعض
تسميته- إلى "مكلمة" لا تسمن ولا تغني "المواطن المصري" من جوع أو فقر مدقع
بعدم تنفيذ قراراته، فضلاً عن أداء "حكومة الجنزوري" الفاشل– سواء عن عمد
أو غير عمد- الذي يسمم البلاد، ويقتل العباد رويدًا رويدًا، فلم يقف
الإخوان مكتوفي الأيدي، فطالبوا بإزاحة هذه الحكومة، وأن تخلي الساحة بينهم
وبين الشعب الذي اختارهم ليحققوا آماله.
وكما ذكرنا آنفًا،
أبى المجلس العسكري ذلك، وبرغم أن الإخوان أكدوا تخليهم عن فكرة دفعهم
بمرشح إذا ما أُوكلت إليهم "الحكومة" السلطة التنفيذية، لم يكن أمام
الإخوان سوى "الرئاسة"، فبحثوا جديًّا عمن يدعمونه وسعوا حثيثًا ألا يكون
من داخلهم، فذهبوا لشخصيات سامقة وقامات عديدة بداية من المستشار "طارق
البشري" والغرياني ونهاية بالمستشار "أحمد مكي" ولكنهم رفضوا جميعًا.
وحيث إنه لا يسع
أحد- كائن من كان- أن يمنع حزب الحرية والعدالة كأي حزب سياسي في العالم أن
يرشح مَن يمثله في سباق الرئاسة، كان لزامًا على "جماعة الأخوان" وذراعها
السياسية أن يقدروا الأمور بقدرها، ويقدموا مرشحًا من داخلهم يحمل "مشروعهم
النهضوي"، فعُرضت الأمانة على المهندس "خيرت الشاطر" فأبت اللجنة
الانتخابية ذلك واستبعدوه بحيلة، أقل ما يقال عنها إنها غير أخلاقية،
فحملها رئيس حزب الحرية والعدالة د. محمد مرسي.
في نهاية المطاف،
كان من المفترض ألا نهدر أوقاتنا في التبرير لترشيح مرشح للإخوان "سواء
الشاطر أو مرسي"؛ لأنه حق أصيل لأي حزب سياسي كما ذكرنا آنفًا، إلا أن
شعبنا الذي اختارنا له علينا حق في أن تصبح أمامه الأمور واضحة، وبها قدر
كبير من الشفافية، وأتمنى أن نكون قد قمنا بذلك إيجازًا
رابط المقال: http://www.ikhwanonline.com/new/president/Article.aspx?ArtID=107085&SecID=472
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق