
دعوة للإنصاف.. رسائل ثلاثة
عاجلا أم آجلا سيباغتنا أجلنا ثم نُرد إلى الله فيُنبئنا بما كنا فيه نختلف.. شهدت في الآونة الأخيرة سجالات كثيرة حول "الإخوان المسلمين" وهي الجماعة التي أشرف بالانتماء إليها وسأظل ما حييت إذا ما شاء الله ذلك, وقد آثرت الصمت والمراقبة عن كثب لأحبابنا الناصحين والذين سعدت بمشاركات بعضهم وشعرت منهم الإنصاف والحب للجماعة والعاملين للخير.
لا ضير أن نقول إن جماعة الإخوان المسلمين كانوا وما زالوا تجمعا بشريا, ومن ثم فإن الخطأ والزلل وارد منهم, لكن ما يشق على النفس أن يتحدث بعض الأحباب عن هذه الأخطاء بأنها مجملة تتحملها الجماعة وليس الأشخاص فحسب, ثم يلوكون الجماعة بألسنتهم وربما يخوضون فيما لا داعي لذكره ومن ثم ينكأون في الجراح, وينسون مبدأ الإنصاف في التعامل مع الأمور.
كما هالني وأحزنني في الواقع مشاركات بعض من انخرطوا في هذا الجدال (سواء على جنبات أو صفحات هذا الموقع أو في مضمار الحياة) وجعلوا منه شأنا يُوغر في الصدور والقلوب, لذا اسمحوا لي أن أوجه ثلاث رسائل لثلاثة أصناف انضموا بقصد أو دون قصد في هذه المناقشات (الإخوان) و(الناصحون) "منصف- متحامل":
رسالة أولى
بدوري فضلت أن أوجه رسالتي الأولى إلى أحبابنا من الإخوان وشبابهم, الذين آمنوا بهذه الدعوة وصدقوها حتى اطمأنت إليها نفوسهم وسكنت لها قلوبهم, فأدعوهم إلى الإنصات بشدة والاستماع إلى الناصحين مهما وصل حد نقدهم اللاذع والكف عن الدخول في هذه المشاحنات التي تغير النفوس وإن كان لابد فينبغي أن نبادلهم الرأي بالرأي، والحجة بالحجة، والدليل بالدليل وأن نشارك بالقول الحسن والكلمة الطيبة التي تجمع ولا تفرق وتستوعب ولا تقصي.
بطبيعة الحال, أدعو نفسي وأدعو أخواني من جماعة الإخوان إلى العمل, فلا معنى لإيمان لا يتبعه عمل, ندعوكم للمشاركة في ساحات وميادين العمل في وقت لا داعي فيه للمشاحنات كما أنه لا وقت فيه للتشجيع فحسب، لكننا بحاجة لمساندة ما آمنا به واطمأنت إليه قلوبنا بكل ما أوتينا من وسائل وسبل, لأننا عاهدنا الله على إعادة مجد الإسلام، واستعادة دوره الحضاري, كما لا ينبغي علينا مطلقا إقصاء وإبعاد بني جلدتنا وقومنا ولكن فنتعامل معهم بالحسنى، والموعظة الحسنة، وسيكونون لنا خير العون والمعين إذا ما أزلنا عنهم هذا الغموض واللبس الذي يقولون أننا نمثله.
رسالة ثانية
ورسالتي الثانية إلى الناصحين وبخاصة المنصفين منهم, الذين أشعر من بعضهم في الواقع كل حب وغيرة على مستقبل هذه الجماعة فيبادرون بتقديم النصح والإرشاد حتى تسير هذه الجماعة في مسارها الصحيح, فهؤلاء أقول لهم "شكرا وجزاكم الله خير الجزاء" فقد كان نصحكم بمثابة الشعلة التي أضاءت لنا السبيل, وأخذت بأيدينا يوم أن أخطأنا وتعثرنا إلى الطريق القويم, دمتم لنا بخير ومحبين, لكني أؤكد لكم أن باب جماعتنا سيظل مفتوحا لكم وكم نتشوق لنصحكم البناء من الداخل.
رسالة ثالثة
أما رسالتي الثالثة, فهي أيضا إلى بعض الناصحين إلا أني شعرت منهم بتحامل وانتهاز للفرص والأخطاء وسل الخناجر لنهش جسد الجماعة, فهؤلاء لا أرى لهم رسالة أفضل من رسالة الإمام حسن البنا حين قال:
"أما من أساء فينا ظنه وأحاطت بنا شكوكه، فهو لا يرانا إلا بالمنظار الأسود القاتم، ولا يتحدث عنا إلا بلسان المتحرج المتشكك، و يأبى إلا أن يلج في غروره و يسدر في شكوكه ويظل مع أوهامه... فهذا ندعو الله لنا و له أن يرينا الحق حقا ويرزقنا إتباعه والباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه، وأن يلهمنا وإياه الرشد، ندعوه إن قبل الدعاء ونناديه إن أجاب النداء وندعو الله فيه وهو أهل الرجاء، وهذا سنظل نحبه ونرجو فيئه إلينا واقتناعه بدعوتنا، وإنما شعارنا معه ما أرشدنا إليه المصطفى صلى الله عليه و سلم من قبل : (اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون)".
ختاما, أدعو الجميع إلى الإنصاف ولو كان عزيزا وأن نرتقي بلغة الحوار بيننا فننبذ السباب والتخوين والإقصاء والتفسيق, لكن يقدم كل منا النصح لأخيه وهو يدعوا له بالخير ويرجوا الله أن يرزقنا جميعا طريق الحق ويجنبنا الباطل ويلهمنا الرشد.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق